/ الْفَائِدَةُ : (91 ) /

26/03/2025



بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / العلاقة بين اللُّغَة العِبْرَانِيَّة والسُّرْيَانِيَّة واللُّغَة العربيَّة / / اللُّغة العربيَّة أَعظم اللُّغات / إِنَّ التَّعَرُّف علىٰ اللُّغَة(1) العِبْرَانِيَّة والسُّرْيَانِيَّة والتَّعاطي معهما أَمرٌ مُهمٌّ في أَبواب المعارف الإِلٰهيَّة؛ لنزول الوحي الإِلٰهيّ بهما، وهما خَتَنُ اللُّغة العربيَّة؛ ومن شجرتها إِلَّا أَنَّ اللُّغَة العربيَّة أَقوىٰ وأَفْصَحَ وَأَتْقَنَ، بل الثَّابت عِلْمِيّاً: أَنَّها أَقوىٰ اللُّغَات العِلْمِيَّة في كافَّة العلوم ـ كالعلوم التَّجريبيَّة والإِنسانيَّة ـ وَأَكفاؤها وَأَتْقَنُها وَأَدَقُّها وأَرْصَنُها وأَرْصَفُها وَأَحْصَفُها وَأَجْدَرُها وَأَثْرَاها علىٰ الإِطلاق، وأَضْعَفَها اللُّغة الإِنكليزيَّة؛ ومِنْ ثَمَّ توجد في اللُّغَة العربيَّة (١٢) مليون مفردة، وفي اللُّغَة الإنكليزيَّة (٦٠٠) أَلف مفردة، بل اللُّغَة اللَّاتينيَّة ـ ومن فروعها اللُّغَة الإِنكليزيَّة ـ هي أَفشل واَبْذَل وأَرْخَىٰ اللُّغَات تَرَهُّلاً، ولغة مُبْتَذَلة ومُنْفَرِطَة، لا تَضْبِط حدود وتعاریف العلوم. بل مَنْ يتأَمَّل علوم جملة اللُّغات فسيجدها عَالَة علىٰ اللُّغَة العربيَّة؛ ومحتاجة إِليها، وَمِنْ ثَمَّ اِقْتَطَفَت تلك اللُّغَات ـ كاللُّغَة: الفارسيَّة والأُرْدِيَّة والهنديَّة، وسائر اللُّغات الأُوربيَّة كاللُّغَة الفرنسيَّة والإِنكليزيَّة ـ كثيراً من إِنْجَازَات اللُّغَة العربيَّة ـ كعلوم: البلاغة والبيان والنحو والصَّرف والاِشتقاق ـ؛ كيما تُقَوِّي وَتُرَصِّن نفسها عن التَّرَهُّل، فاللُّغَة الفارسيَّة ـ مثلاً ـ اِقْتَبَسَت علوم: البلاغة والبيان واللُّغَة وما شاكلها بتمامها من علوم اللُّغَة العربيَّة، بل علوم البلاغة لدىٰ كافَّة اللُّغَات مسروقة من اللُّغَة العربيَّة. وإِلىٰ كُلِّ هذا تُشير بيانات الوحي، منها: 1ـ بيان سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله في جوابه علىٰ تساؤل الصَّحَابة: «... يا رسول الله، ما رأينا أَفصح منك، قال: وما يمنعني وَأَنَا أَفصح العرب، وأَنزل الله القرآن بلغتي وهي أَفضل اللُّغَات ...»(2). 2ـ بيان الإِمام الرِّضا (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ): «... والحروف هي المفعول بذلك الفعل، وهي الحروف الَّتي عليها مدار الكلام والعبادات كُلّها من الله عَزَّ وَجَلَّ عَلَّمَها خلقه، وهي ثلاثة وثلاثون حرفاً، فمنها ثمانية وعشرون حرفاً تدلُّ علىٰ لغات العربيَّة، ومن الثمانية والعشرون اثنان وعشرون حرفاً تدلُّ علىٰ لغات السُّرْيَانِيَّة والْعِبْرَانِيَّة، ومنها خمسة أَحرف مُتَحَرِّفة في سائر اللُّغات كُلّها، وهي خمسة أَحرف تَحَرَّفَت من الثمانية والعشرين حرفاً من اللُّغَات، فصارت الحروف ثلاثة وثلاثين حرفاً ...»(3). ودلالتهما واضحة. / نُكْتَة تسمية اللُّغَة العربيَّة بذلك / سُمِّيت اللُّغة العربية بذلك لأَنَّ فيها اِظهار واعراب وبيان واِفصاح عمَّا تقتضيه الفطرة، الُمشار إِليها في بيانات الوحي، منها: 1ـ بيان قوله عزَّ من قائل: [فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّـهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّـهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ](4). 2ـ بيان أَمير المؤمنين (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ): «... فبعث فيهم رسله، وواتر إِليهم أَنبياءه، ليستأدوهم ميثاق فِطرته، ويذَكِّروهم منسيَّ نِعمته، ويحتجُّوا عليهم بالتَّبليغ، ويُثيرُوا لهم دفائن العقول، ويُروهم آيات المقدِرَة ...»(5). والفطرة عبارة عن ولاية اللّٰـه تعالىٰ، وولاية سيِّد الأَنبياء صلى الله عليه واله ، وولاية سائر أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ . وهذا هو دين اللّٰـه القويم. فلاحظ: بيانات الوحي المعرفيَّة، منها: بيان تفسير الإِمام الصَّادق (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ): «في قول اللّٰـه عَزَّ وَجَلَّ: [فِطْرَتَ اللَّـهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا](6)، قال: التَّوحيد، ومُحمَّد رسول اللّٰـه، وعَلِيٌّ أَمير المؤمنين»(7). ومنه يتَّضح: عنوان ولفظ (العربي)؛ فإِنَّ معناه: المؤمن، وهو عنوان شامل لصاحب القوميَّة العربيَّة وغيره من الأَعاجم؛ فبمقتضيات فِطْرَته يعرب ويُفصِح عن إِيمانه باللّٰـه وبرسوله صلى الله عليه واله ، وبأَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ . وإلى هذا المعنىٰ تُشير بيانات الوحي الأُخرىٰ، منها: بيان الإِمام الصَّادق (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ): «... إِنَّ العرب لا تبغض عليّاً عليه السلام ...»(8). أَي: أَنَّ المطابق إِيمَانه للفِطْرَة ، وهو مَن آمَنَ بالله وبرسوله صلى الله عليه واله وبسائر أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ لا يبغض أَمير المؤمنين وسائر أَهل البيت عليهم السلام . وكذا يتَّضح: عنوان ولفظ (الأَعجمي)؛ فإِنَّ معناه: الضَّال، ومنكوس الفطرة. / طبيعة اللُّغة العربيَّة ونُكْتَة اِخْتِيَارها لنزول القرآن بلسانها / وَمِنْ كُل ّهذا تتَّضح: نُكْتَة نزول القرآن الكريم باللُّغة العربية؛ فإِنَّها مُنفتحة بطبيعتها على معانٍ مُتعدِّدة، وفيها بيان وإِحْكَام لم يُوجد في لغةٍ أُخرىٰ قَطُّ، توصل إِلى حقائق غير متناهية. وصلى الله على محمد واله الاطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) اللُّغة: نظام آلي جبَّار. (2) بحار الأَنوار، 17: 158/ح2. (3) عيون أَخبار الرضا عليه السلام ، 1/ب12: 133/ح1. (4)الروم: 30. (5) نهج البلاغة، الخطبة الأُولىٰ: 45ـ 46. (6) الروم: 30. (7) بحار الأَنوار، 3: 278/ح9. (8) بحار الأَنوار، 8: 22/ح16. ثواب الأَعمال: 202